responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 492
نخبركم ونرشدكم ايها المنهمكون في الخسران والطغيان بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا اى العاملين الذين خسروا من جهة أعمالهم مع انهم قد زعموا الربح فيها
وهم الَّذِينَ ضَلَّ اى قد ضاع سَعْيُهُمْ الذي قد سعوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بإتيان الأعمال الصالحة والانفاق وبناء بقاع الخير وغير ذلك كالرهابنة والقسيسين وكذا عموم اهل العجب والرياء أية امة كانت وَهُمْ في النشأة الاولى يَحْسَبُونَ ويظنون أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ينفعهم عند الله ويتوقعون المثوبة العظمى والدرجة العليا لأجلها مع انهم هم قد خسروا خسرانا مبينا لفقدهم ما هو مبنى للأعمال ومناط العبادات والأحوال الا وهو الايمان بتوحيد الله والتصديق بكتبه ورسله
أُولئِكَ البعداء الأشقياء المجبولون على الكفر والشقاق هم الَّذِينَ كَفَرُوا وكذبوا بِآياتِ رَبِّهِمْ الدالة على توحيده وتصديق رسله وكتبه وَلِقائِهِ الموعود لعباده عند انجلاء حجبهم وارتفاع استارهم فَحَبِطَتْ اى قد ضاعت واضمحلت وضلت في النشأة الاخرى عنهم أَعْمالُهُمْ التي جاءوا بها في النشأة الاولى لطلب الربح والنفع فَلا نُقِيمُ ولا نضع لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد لجزاء الأعمال وتنقيدها وَزْناً مقدارا ينتفع ويعتد بها لانحباطها وسقوطها عن درجة الاعتبار لدى الملك الجبار
بل ذلِكَ الأمر والشان المترتب على الكفر والشرك هذا وهكذا وبالجملة جَزاؤُهُمْ ونفعهم العائد لهم لأجل أعمالهم هذه في يوم الجزاء جَهَنَّمُ البعد والحرمان وسعير الطرد والخسران وما ذلك الا بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي الدالة على وحدة ذاتى وعظمة صفاتي واستقلالى في شئوني وأفعالي وعموم تطوراتى وَكذلك قد اتخذوا عموم رُسُلِي المؤيدين بآياتى المبعوثين على تبيين دلائل توحيدي بين عبادي هُزُواً محل استهزاء يستهزؤن بهما وينكرون عليهما عتوا وعنادا.
ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وأيقنوا بتوحيد الذات والصفات والأفعال وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة لهم الى التوحيد الذاتي الملايمة المناسبة لشعائره ومناسكه كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ وهو وسط الجنة المشرف على أطرافها لذلك قال صلّى الله عليه وسلّم إذا سئلتم الله فاسئلوا الفردوس فانه وسط الجنة وهي بستان الغيب ومهبط الفتوحات الغيبية الا وهي أعلى مراتب ارباب التوحيد وأسناها وعند ذلك انتهى السير والسلوك وبعد ذلك السلوك فيه لا به واليه نُزُلًا ومنزلا ينزلون اليه ويتمكنون فيه
خالِدِينَ فِيها ولكمال صفائها ونضارتها ودوام لذاتها الروحانية لا يَبْغُونَ ولا يطلبون بالطبع والارادة عَنْها حِوَلًا اى انتقالا وتحولا لكونها مقر فطرتهم الاصلية ومنزل استعداداتهم الحقيقية إذ فوق عرش الرّحمن المفيض لجميع القوابل والاستعدادات مقتضياتها ثم لما طعنت اليهود في القرآن وأرادوا ان يثبتوا التناقض في بعض آياته مع بعض حيث قالوا أنتم تقرءون في كتابكم تارة ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وتارة تقرءون وما أوتيتم من العلم الا قليلا وما هي الا تناقض صريح
امر سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بقوله قُلْ لهم يا أكمل الرسل كلا ما يسقط شبهتهم ان أنصفوا نحن لا ندعى ان من اوتى الحكمة فقد اوتى بجميع معلومات الله وعلومه وكيف ندعى هذا وهو محال في غاية الاستحالة والامتناع إذ لَوْ كانَ الْبَحْرُ اى جنس البحر وهو عبارة عن جميع كرة الماء مِداداً اى ما يمد به القلم للرقم والكتابة لِكَلِماتِ رَبِّي وثبتها وكتبها لَنَفِدَ الْبَحْرُ البتة وانتهى لتناهيه وكونه محدودا قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي لكونها غير محدودة وغير متناهية وَكيف لا لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست